Lahjajma Press - الهجاجمة بريس Lahjajma Press - الهجاجمة بريس
آخر الأخبار

آخر الأخبار

آخر الأخبار
آخر الأخبار
جاري التحميل ...
آخر الأخبار

اكادير بريس - "صوفيا" و"عاشوراء".. "السيناريو الناجح" يتجذر في البيئة المغربية - agadir press

"صوفيا" و"عاشوراء".. "السيناريو الناجح" يتجذر في البيئة المغربية

اكادير بريس     -     "صوفيا" و"عاشوراء".. "السيناريو الناجح" يتجذر في البيئة المغربية  -    agadir press

إن السيناريو الناجح هو نتيجة "قران سعيد بين الموضوع، المرحلة والشعب"، حسب أندري بازان. لنفحص في ظل هذه الفرضية فيلمين مغربيين هما "صوفيا" 2018 لمريم بنمبارك و"عاشوراء" 2019 لطلال السلهامي.


أمام خياريْ السجن أو الزواج الاضطراري الذي يهدد ابنها، تُلقي الأم (أداء راوية فاطمة هراندي) خطابا عميقا ينبع من قاع قلب امرأة انتهازية مقهورة. امرأة تغلف الانتهازية بشكوى ووعظ وتوسل. خطاب يكشف ذهنية مغربية مرنة تساوم بمهارة وبطريقة مضمرة. تجري اللقطة أمام كل الأطراف التي تستعد لتبْلع الصفقة. هكذا يشتبك الموضوع والمرحلة والشعب في حبكة واحدة بسيطة، لكن متجذرة في واقعها وتجري كل يوم.

هذا ما يمكن فيلم "صوفيا" من المضي سريعا إلى الأمام لأن المخرجة خلصت السيناريو من الشحوم الزائدة التي تثقل الإيقاع. كل التفاصيل تخدم الحبكة الرئيسية، لذا ليست هناك استطرادات، مما يُبقى المتفرج في صلب الموضوع. يبدو هذا فقرا في السيناريو، ولكن هذا التقشف والفقر هما مصدر قوّته لأن السياق وضغط الزمن يغنيان المعنى.

يتم تجريم العلاقات الرضائية في مغرب فيه ثمانية ملايين امرأة عازبة فوق سن الثامنة عشرة. ترفض الدولة والمجتمع تحرير الجنس. لذلك من يضبط متلبسا بالحب عليه إما الزواج أو الذهاب إلى مقر الشرطة، وهناك تعقد صفقات التزويج لتجنب السجن للطرفين. الدرس: الحب المغربي ينتهي في المحكمة.

مع الزمن نكتشف أن العريس في الحضيض، ولا يمكنه النزول أكثر، وأي مصيبة تقع عليه قد تفيده. مرحبا بالصفقة المغشوشة. لقد أدرك العريس أن الرزق كثير لكنه بعيد عنه. جاءته نعمة في ثوب نقمة، ولديه دافع درامي مزدوج تجاري وعاطفي. هو لا يبحث عن البطولة. لا يخلق الشقاء أناسا متنورين. يخلق الشقاء أفرادا يتدحرجون ويتكيفون مع ما يقع عليهم من مصائب والهدف هو البقاء. البقاء مهما يكن الثمن.

صوفيا بنت الشعب، ليست جميلة، لا تملك نظرية، تريد أن تعيش، تتأمل أبا شبحيا يشبه جثة (أداء فوزي بنسعيدي). لا تجري الكثير من الوقائع، لكن الوجوه تعكس هول ما جرى، هول صفقة مغشوشة مربحة لكل المشاركين فيها. احتفظ الفيلم بمفاجأة حتى ربعه الأخير، وهذا ما خلق أزمة جديدة زادت التشويق، بينما النساء الثلاث يحضّرن صفقة قذرة سيغطيها حفل بهيج. تكشف النظرات المتبادلة عمق الذل الذي نتج عن الانتصار الفادح للانتهازية في مغرب اليوم.

في فيلم "عاشوراء" تخرج بشيرة، وهي ابنة فلاح، من حقل الذرة ترقص حول النار وتتكلم الفرنسية. هناك انفصال بين الموضوع والشعب منذ اللقطة الأولى. أربعة أطفال يلعبون لعبة تخويف بعضهم البعض. يتوجهون إلى منزل ملعون، فيختفي أحدهم في ظروف غامضة. كان ذلك منذ ربع قرن. كبر الأطفال وقرروا مواجهة الماضي الذي لا تلتقطه الكاميرا. وقف المخرج طلال السلهامي في مرحلة ويريد سرد مرحلة أخرى، ثم اتضح من خلال الفلاش باك أنه يريد سرد مرحلتين دفعة واحدة.

يريد أن يحكي الماضي والحاضر دفعة واحدة، لذلك هناك فلاش باك يعبر حفرة زمنية تمتد خمسا وعشرين سنة لتصفية حساب قديم في مكان معين.

إن فيلم "عاشوراء" مبني على سيناريو غير متصل بالعوالم العجائبية الشعبية المغربية، التي فيها "التابعة" (اللعنة غير المرئية) و"مامة غولة" و"عيشة قنديشة".

الشرط الأول للتأسيس للنوع العجائبي المغربي هو معرفة التراث السردي الشعبي المغربي عن "عيشة قنديشة" و"مامة غولة" و"بوعو" كما تُرعِب به الأمهات الأطفال ليناموا مبكرا أو ليتوقفوا عن العناد.

لا بد بعد امتلاك المعرفة بهذا التراث من القدرة على التعبير عن ذلك بصور ومعجم مستعار من ذلك السرد. المؤثرات البصرية لن تخلق العجائبي. من لا يعرف سرد العصور الوسطى وسننه وصوره لن يؤسس. الفيلم كما هو الآن غريب بصريا ولغويا عن السرد الشعبي المغربي. لو شاهدتْه أي أم مغربية لن تتعرف على حكاياتها. التكنولوجيا مهمة، لكن استثمار المخيال الجمعي ضروري.

يجري الفيلم في منزل فرنسيين تسكنه اللعنة التي تطارد من يدخل هناك. ما علاقة عاشوراء بمنزل الفرنسيين؟ فيلم بسيناريو مستورد عن عالم الأشباح. المهم حضور فرنسا. ولتأكيد هذا التوجه قدم عمر لطفي شخصية معتوه فرانكفوني طيب. للإشارة، النخبة الفرانكفونية بالمغرب لا تهتم بعاشوراء.

في النصف الثاني من الفيلم تشويق ومطاردة وتحقيق حتى لو كانت الموسيقى المرتفعة تخفي لقطات لا حدث فيها. عمل المخرج على المونتاج والميكساج والمؤثرات البصرية سنوات، ومع ذلك فشل الصوت في سد النقص في الصورة. يصعب أن تحل الأذن محل العين.

فيلم فيه جهد كبير سيجذب عشاق عوالم "هاري بوتر" في صيغتها المغربية. يمكن تقبل الكثير من المبالغات إذا افترضنا أن الفيلم تجاري موجه إلى الأطفال والمراهقين.

بالمقارنة بين الفيلمين على مستوى الزمن: في الفيلم الأول زمن كرونولوجي مقابل فلاش باك مبالغ فيه في الفيلم الثاني. صوفيا حامل، ينبع التوتر من نقص النقود والوقت. المصيبة حاصلة هنا والآن. في عاشوراء صفر توتر لأن هناك فاصلا زمنيا قدره ربع قرن بين الخطأ وتصحيحه. فما الذي جرى في هذه الحفرة الزمنية؟

للإشارة، ينعكس حضور التوتر أو غيابه في السيناريو على أداء الممثلين.

في "صوفيا" هناك وحدة الحدث والمكان والزمان مقابل تشتت الأحداث وترهل الزمان وتعدد الأمكنة في "عاشوراء" (جرى التصوير في مجزرة قديمة لا في منزل).

بصدد أثر المرحلة، يقوي تزايد عدد الأمهات العازبات في المغرب مصداقية فيلم "صوفيا"، بينما هناك ضعف الاحتمالية في "عاشوراء" بسبب البعد عن التراث السردي. نقطة الضعف في "صوفيا" أن البطلة تزعم أنها لم تعرف أنها حامل حتى يوم الولادة.

يبدو أن تعريف أندري بازان للسيناريو يستلهم تعريف الملحمة باعتبارها تترجم قيم ومُثل شعب بأكمله في لحظة مصيرية. حين يتحقق هذا التجذر في البيئة يكون الفيلم مؤثرا، أما حين يُعزل السيناريو عن سياقه، يفقد القدرة على التأثير. حاليا فيلم "صوفيا" يدور العالم، وفيلم "عاشوراء" مختفٍ مثل أفلام كثيرة عرضت في مهرجان طنجة.

إرسال تعليق

التعليقات



جميع الحقوق محفوظة

Lahjajma Press - الهجاجمة بريس

2016